تعتبر بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكية من أكثر البيانات أو الأخبار الذي تحدث بلبلة أو تقلبات حادة في أسعار الأدوات المالية عند صدورها خاصة أن الفيدرالي الأمريكي لا يزال يبني سياسته النقدية أو توجهه بسياسة خفض الفوائد بناءً على مستويات التضخم في السوق الأمريكي. ولكن ما يجعل من بيانات مستوى التضخم هذا الإسبوع أكثر أهمية من أي وقت مضى أو ذات تأثير أكبر على الأسواق؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، لنستعرض ما هي أهم ثلاث عوامل حالية التي تؤثر على قرار الفيدرالي بالنسبة لخفض الفوائد.
1- مستوى التضخم الحالي في أمريكا. ( عامل أساسي سابق )
2- قطاع العمل أو نسبة البطالة. ( عامل أساسي سابق )
3- سياسة ترامب الجمركية الحالية وتأثيرها على الأسواق. ( عامل أساسي مستجد )
1- مستوى التضخم الحالي في أمريكا. ( عامل أساسي سابق ) لا يزال مستوى التضخم على أساس شهري بتسجيل زيادة في التضخم وهو في وتيرة تصاعدية حيث تظهر الشارت بأن التضخم منذ يوليو 2024, يستمر التضخم بتسجيل إرتفاعاً وقد بلغ الشهر الماضي مستوى 0.5% وهو أعلى مستوى تم تسجيله منذ أكتوبر 2023 وهذا عامل مانع حالياً لتوجه الفيدرالي إلى قرار خفض الفائدة أو حتى إعطاء اشارت إيجابية بأن الفيدرالي متوجه نحو خفض الفوائد وهذا أمر طبيعي في العجلة الاقتصادية، إذ لا يمكن أن يتم توجيه السوق بإتجاه إتباع سياسة نقدية محددة من دون التأكد بأن هذا القرار سيتم اتخاذه بغض النظر عن ماهيته، وحتى لو أن الفيدرالي قد حسم أمره بأن يتخذ إجراء خفض الفائدة في تاريخ محدد، ليس من عادته بأن يتم التصريح أو التلويح باحتمال خفض الفائدة قبل وقت طويل لأن ذلك قد يحدث تقلبات في الأسعار على مدة طويلة بحيث عند إعلان الحدث، تكون أمور أخرى قد استجدت. ولكن تبقى نتائج البيانات هي التي تخلق تقلبات في الأسعار حسب توقع المحللين أو المستثمرين حول بيان السياسة النقدية المقبلة.

2- قطاع العمل أو نسبة البطالة: قال باول يوم الجمعة في آخر تصريح له " إن الاقتصاد ”لا يزال في وضع جيد“، مع تقدم مستمر وإن كان متفاوتًا في التضخم واستمرار مكاسب الوظائف. وأعلنت الحكومة الأمريكية يوم الجمعة عن زيادة قدرها 151,000 وظيفة في فبراير/شباط، وأشار باول إلى أن الاقتصاد يضيف 191,000 وظيفة ”قوية“ شهريًا في المتوسط منذ سبتمبر/أيلول. من المتوقع أن يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي ثابتًا في النطاق الحالي الذي يتراوح بين 4.25% و4.50% في اجتماع السياسة النقدية الذي سيعقده في الفترة من 18 إلى 19 مارس. كما سيصدر صناع السياسة أيضًا توقعات اقتصادية جديدة من شأنها أن تعطي نظرة ثاقبة حول كيفية تأثير الشهرين الأولين من إدارة ترامب على توقعات التضخم والتوظيف والنمو ومسار أسعار الفائدة

3- سياسة ترامب الجمركية الحالية وتأثيرها على الأسواق. ( عامل أساسي مستجد ) قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الجمعة إنه لا يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كانت خطط إدارة ترامب بشأن التعريفات الجمركية ستثبت أنها ستؤدي إلى التضخم، حيث حدد قائمة مرجعية للأشياء التي يمكن أن تؤدي ضرائب الاستيراد الجديدة إلى ضغوط سعرية أكثر استمرارًا. وقال باول في جلسة أسئلة وأجوبة خلال منتدى اقتصادي في مدينة نيويورك يوم الجمعة: ”في حالة بسيطة حيث نعلم أنه أمر لمرة واحدة، فإن الكتاب المدرسي يقول انظروا من خلاله“، دون الحاجة إلى أن يستجيب الاحتياطي الفيدرالي بسياسة نقدية أكثر تشددًا. وبهذا يكون باول قد حسم الأمر بأنه يتعين على الفيدرالي بأن يراقب نتائج سياسة ترامب الجمركية وتبعاتها على الأسواق لإتخاذ أي قرار مستقبلي من ناحية سياسة خفض الفوائد، ولكن مجرد قيام باول بهذا التصريح، يكون ترامب قد نجح بإضفاء معادلته على الأسواق، وتصبح معادلة أساسية مستجدة مع معادلات سابقة أساسية ( التضخم أو قطاع العمل ) ذات تأثير أكبر على السوق بغض النظر عن نتائج البيانات الإقتصادية.
وهناك وجهة نظر أخرى تتعلق بسياسية ترامب الجمركية الحالية وهي بأن ترامب ليس هدفه فقط الضغط على الفيدرالي لخفض الفائدة، بل أن ترامب يريد أن يحدث نوع من إنهيار في السوق لماذا يريد ترامب انهيار السوق؟
1. الولايات المتحدة لديها ديون بقيمة 7 تريليونات دولار يتعين عليها سدادها في الأشهر الستة المقبلة. وإذا لم يسددوها، فسيتعين عليهم إعادة التمويل.
2. لا تريد إدارة ترامب إعادة تمويل الدين بمعدل أعلى من 4% (هذا العام وصل العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.8%).
3. كيف يمكن خفض العائد على السندات لأجل 10 سنوات؟ يجب أن يُظهر السوق تباطؤًا، ويجب أن يُنظر إلى لجنة وزارة المالية على أنها تعمل، ويجب أن تنخفض أسعار الفائدة. لتحقيق ذلك، فإنه يخلق حالة من عدم اليقين الهائل - على سبيل المثال، من خلال التعريفات الجمركية. هذا يبطئ النمو، ويجعل المستثمرين يخافون من الأسهم ويبدأون في شراء السندات، مما يؤدي إلى انخفاض العوائد. ويؤدي انخفاض العوائد بدوره إلى منح الاحتياطي الفيدرالي الفرصة لخفض أسعار الفائدة، مما يقلل من تكلفة الاقتراض.
وفي حين أن الحكمة التقليدية هي أن التعريفات الجمركية تتسبب في التضخم وينبغي أن ترتفع عوائد السندات، إلا أنها في الواقع تنخفض لأن الأسواق غير مؤكدة لدرجة أن رؤوس الأموال تتدفق من الأسهم إلى السندات. وهذا بالضبط ما تحاول إدارة ترامب القيام به على المدى القصير لخفض تكلفة إعادة تمويل الديون.
ألم قصير الأجل مقابل مكاسب طويلة الأجل؟
4-التضخم، سوق العمل، ترامب
ولكن ماذا عن عامل أساسي آخر أكثر أهمية من هذه العوامل، أو بالأحرى لها التأثير الأقوى، مستويات الطاقة مثل النفط والغاز !!!! نعم صحيح النفط والغاز أكثر أهمية ولكن مع أن الإقتصاديين يقومون بالتركيز على الأساسيات التي ذكرناها في الأعلى، يبقى للتحليل التقني تحليله الخاص على إحتمالية النتيجة التي سيتم اصدارها يوم الأربعاء، أي ماذا يمكن أن يسجل مؤشر أسعار المستهلكين يوم الأربعاء. بالنظر إلى الشارت، نقوم بإستعراض مستوى تداول النفط مقارنةً بأداء مستوى التضخم، نجد بشكل قاطع بأن العلاقة إيجابية بشكل قوي بين مستويات تداول النفط الخام ومستوى إرتفاع أو إنخفاض مستوى التضخم. وهذا ليس مستغرباً، لأنه كلما انخفضت مستويات النفط، كلما قلت نسبة التكلفة في الإنتاج، ناهيك عن إنخفاض تكلفة المرافق الحيوية اليومية على المستهلك مثل فاتورة الكهرباء أو الانتاج للمؤسسات الصغيرة بحيث يصبح هامش الربح أعلى كلما قلت كلفة الإنتاج وبهذا يكون التضخم قد هبط والعكس صحيح في حال تم صعود مستوى النفط أو الغاز الذين يعتبران من أهم العوامل من حيث تكلفة المعيشة والعجلة الاقتصادية. بما أن النفط هبط في الشهر السابق إلى دون مستوى 70.00$ للبرميل، يمكن أن تكون نتيجة التضخم هذا الإسبوع قريبة من التوقعات، أو أقل، وفي حال كان هناك إرتفاع، يمكن أن يكون طفيف. ولكن نبقى ونراقب مستويات النفط خلال الشهر القادمة، بحيث إذا تمكن سعر النفط من الإستقرار دون مستوى 65.00 على مدى ثلاث أو أربعة أشهر، نعطي نسبة أكثر من 60% بأن التضخم ذاهب نحو الإنخفاض وبهذا يمكننا أن نتوقع بأن الفيدارلي متجه نحو خفض الفائدة بنحو أسرع قبل الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام أو بيانات السياسة النقدية التي تصدر في كل إجتماع من قبل اللجنة الفدرالية للسياسة المفتوحة منتصف أول شهر. والعكس صحيح إذا ما ارتفعت مستويات النفط. وليس مستغرباً مؤخراً تركيز الرئيس ترامب على ضرورة خفض قيمة أسعار النفط الخام لأن ذالك يخدم بدء إنخفاض مستويات التضخم وبذلك يبدأ الفيدرالي فعلياً وجدياً بالذهاب نحو سياسة خفض فوائد بطريقة شرسة أكثر من حيث عدد المرات ووتيرة الخفض. وأيضاً نضيف بأن ترامب يهدف من ضرورة خفض نسبة الإقتراض على الدولار الأمريكي كي تصبح تزيد شهية الإقتراض على الدولار وبهذا يصبح الدولار ملاذاً آمناً مما يعزز قوة الإقتصاد الأمريكي في الأسواق المنافسة.

بعدما أن استعرضنا الأساسيات، نأتي للتحليل التقني لمؤشر الدولار وكيف سيكون اداؤه حين صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين هذا الإسبوع
تقنياً مؤشر الدولار في ترند هابط فرايم إسبوعي، واليوم تمكن مؤشر الدولار من كسر مستوى 103.33 وهو المستوى الذي صعد منه السعر عندما إنتخب ترامب رئيساً لأمريكا.
حالياً تبقى نظرتنا سلبية لمؤشر الدولار والإستمرار في الهبوط مرجح أكثر.
إغلاق إسبوعي تحت مستوى 103.00 يزيد عمليات البيع إلى إختبار مستوى 100.80 61.8 فيبوناتشي
كسر مستوى 100.50 يعنى أن السعر ذاهب إلى إعادة إختبار 99.50 ، إما تشكيل نمط سعر قعري مزدوج ويبقى مؤشر الدولار في ترند جانبي على المدى الطويل بين مستوى 99.00 و-110.00
أما في حال تمكن السعر من كسر مستوى 99.00 مع إغلاق إسبوعي، يعني أن الموجة C ذاهبة إلى مستوى 95.00
الترند هابط، وتبقى نظرتنا سلبية، يمكن للسعر أن يصحح ضمن مستوى أقصاه 106.00 ، أما في حال تمكن من كسر مستوى 107.60 ، يجب إعادة النظر في التحليل الفني.
هذا التحليل هو مقرر مسبقاً بغض النظر عن نتيجة البيانات يوم الأربعاء، البيانات يمكن أن تحرك السعر صاعد أو هابط، ولكن الترند يبقى كما هو، وفي هذا الحالة، تستفيد العملات الأخرى المقابلة للدولار مثل اليورو والجنيه الأسترليني في الصعود أكثر إلى حين يبدأ الفيدرالي بخفض الفوائد.
